ضمنها الإبل والكركدي والسمسم – السودان.. خطوات في طريق حماية الموارد الوراثية

بدءاً يطيب لي أن أطل عبر هذا المقال ومخاطبة جمهور متنوع في موضوع حيوي ألا وهو التنوع الحيوي، وفي المساحة التالية نتناول ذلك الموضوع بشرح مبسط في عدة محاور تتمثل في (التنوع الحيوي، الموارد الوراثية وضمنها الجهود المحلية الخاصة بإعداد مشروع قانون الحصول على الموارد الوراثية وتقاسم المنافع الناشئة عن استخدامها).
وعود إلى بدء لابد من تعريف التنوع الحيوي ليتمكن قراؤنا الكرام من إدراك الموضوع بجوانبه المختلفة والاتفاقيات الدولية والبرتكولات التي تحكم التعامل في هذا الموضوع ذو الأهمية البالغة الذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بحياتنا، وعند ذكر التنوع الحيوي فإننا نعني به تباين الكائنات الحية في جميع مصادرها، وبجانب ذلك نعرف الموارد الوراثية بأنها جميع المواد البيولوجية التي تحتوي على معلومات وراثية ذات قيمة فعلية أو محتملة.
برتكول ناغويا واتفاقية التنوع الحيوي
تتعدد الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية في مجالات البيئة المختلفة من ضمنها بروتوكول ناغويا بشأن الحصول على الموارد الوراثية والتقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استخدامها وهو برتوكول ملحق باتفاقية التنوع الحيوي، وهي اتفاقية دولية يتمثل أحد أهدافها في تقاسم المنافع الناشئة عن استخدام الموارد الوراثية بطريقة عادلة ومنصفة، بما في ذلك عن طريق الحصول على الموارد الوراثية والمعارف التقليدية المرتبطة بها، مع الأخذ في الاعتبار كافة الحقوق المرتبطة بهذه الموارد، مما يسهم في حفظ التنوع الحيوي والاستخدام المستدام لمكوناته. وقد جاء بروتوكول ناغويا لتنفيذ هذا الهدف.
وقد تم اعتماد البرتكول من قبل مؤتمر الأطراف افي اتفاقية التنوع الحيوي خلال الاجتماع المنعقد في العام 2010 في ناغويا باليابان، والسودان من الخمسين دولة الأولى التي صادقت على البروتوكول في العام 2014 وعملت على دخوله حيز النفاذ.
الوضع القانوني في السودان
في إطار المشروع العالمي للحصول وتقاسم المنافع والممول من المرفق العالمي للبيئة عبر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لبناء القدرات المؤسسية والبشرية والتشريعية لتنفيذ بروتوكول ناغويا، تم وضع مشروع قانون الحصول على الموارد الوراثية والتقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استخدامها في عملية تشاركية مع جميع أصحاب المصلحة من القطاع العام والخاص والجامعات ومراكز البحوث ومنظمات المجتمع المدني والمجتمعات المحلية.
ويطبق القانون بعد إجازته على الحصول على الموارد الوراثية والمعارف التقليدية المرتبطة بها وتقاسم المنافع الناشئة عن استخدامها.
ويهدف مشروع القانون المتعلق بالحصول على الموارد الوراثية والتقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استخدامها إلى توفير تدابير لتنظيم الحصول على الموارد الوراثية والمعارف التقليدية المرتبطة بها وضمان التقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استخدامها، مما يسهم في حفظ وصيانة التنوع الحيوي والاستخدام المستدام لمكوناته وذلك تنفيذاً لالتزامات السودان بما يتوافق مع أحكام برتكول ناغويا واتفاقية التنوع الحيوي.
ويشتمل مشروع القانون على عدة مواد تناولت الأحكام المتعلقة بالحصول على الموارد الوراثية والمعارف التقليدية المرتبطة بها، بما في ذلك الموافقة المسبقة عن علم من موفر المورد الوراثي أو حائز المعارف التقليدية والحصول على تصريح من الجهة المختصة، حيث لا يجوز لأي شخص الحصول على موارد وراثية أو معارف تقليدية مرتبطة بها خاضعة لسيادة السودان بغرض استخدامها، دون تصريح من الجهة الوطنية المختصة، وبعد التأكد من طلبه وحصوله على موافقة مسبقة عن علم من موفر المورد الوراثي أو حائز المعارف التقليدية المرتبطة بها ويتم التصريح بموجب شروط متفق عليها بصورة متبادلة (عقد اتفاق) وفقاً لمقتضيات القانون وبرتكول ناغويا.
كما لا يجوز التنازل عن التصريح الممنوح بموجب ذلك القانون للحصول على الموارد الوراثية أو المعارف التقليدية المرتبطة بها أو كليهما أو نقله لأي طرف ثالث ما لم ينص على السماح بذلك كتابة في التصريح الممنوح للمستخدم المصرح له، ووفقاً لما تم الاتفاق عليه في الشروط المتفق عليها بصورة متبادلة.
كما يشتمل مشروع القانون على شروط طلب الحصول وأهمها تحديد الغرض من استخدام الموارد الوراثية والمعارف التقليدية المرتبطة بها، بالإضافة لأحكام تتعلق بإلغاء الموافقة والتصريح واتفاق تقاسم المنافع والعقوبات والتظلم، وتناولت مواد القانون الأحكام المتعلقة باقتسام المنافع، ورسوم الحصول على الموارد الوراثية، وأحكاماً خاصة بشهادة الامتثال ونقاط التفتيش كالجمارك وغيرها ومهامها والتعاون عبر الحدود وغيرها من الأحكام.
فرض سيادة الدولة
وتكمن أهمية القانون في أنه يعمل على فرض سيادة الدولة على مواردها الوراثية ومنع القرصنة البيولوجية وضمان تقاسم المنافع الناشئة عن استخدام الموارد الوراثية والمعارف التقليدية المرتبطة بها بطريقة عادلة ومنصفة.
الجدير بالذكر أن الحاجة لهذا القانون قد تعاظمت بزيادة طلبات الحصول على الموارد الوراثية والمعارف التقليدية المرتبطة بها بحكم وجود السودان كطرف في البروتوكول الذي يحتم الحصول على الموافقة المسبقة عن علم وإبرام شروط متفق عليها بصورة متبادلة بين موفري ومستخدمي الموارد الوراثية والمعارف التقليدية المرتبطة بها.
أيضاً ونظراً للأهمية الاقتصادية للموارد الوراثية لابد من حصر وتجميع وتصنيف وتسجيل الموارد الوراثية ومشتقاتها وما يرتبط بها من معارف وممارسات تقليدية، وتعزيز وتشجيع البحوث التي تسهم في حفظ التنوع البيولوجي واستخدامه المستدام.
السودان وثراء الموارد
ويعد مشروع القانون الذي سيصبح حاكماً بعد إجازته أمراً مهماً في صيانة موارد السودان وحمايتها وحفظها من الفقدان حيث يزخر السودان بتنوع حيوي زراعي نباتي (يشمل محاصيل الحبوب بأنواعها المختلفة والبقوليات والفواكه والخضروات)، بجانب التنوع الحيوي في الغابات ، والمراعي والحياة البرية. مع ضرورة التنبيه لفقدان أنواع من الاشجار نتيجة القطع الجائر واختفاء كثير من نباتات المراعي، واختفاء أنواع من الحياة البرية خاصة بعد انفصال الجنوب، يقرأ هذا مع حاجتنا للتقييم لمعرفة الأنواع والأرقام لما هو متوفر وحجم المفقود لأهمية ذلك في صنع القرار وعمليات التخطيط لإدارة الموارد حفظاَ لحقوق الأجيال القادمة.
وقد منّ الله على السودان بتنوع حيوي بحري وساحلي على طول ساحل البحر الأحمر الذي يبلغ (750) كلم، ويشمل هذا التنوع غابات المانجروف على طول الساحل، الأعشاب البحرية النادرة، الشعب المرجانية، الأسماك، السلاحف والثديات البحرية، بالإضافة إلى مجموعات متنوعة من الطيور، مع أهمية التذكير بأن السلاحف البحرية النادرة مهددة بالانقراض اذ تم إدراجها في الاتفاقية منع الاتجار بالأنواع المهددة بالانقراض. بالإضافة للتنوع الحيوي قي المياه الداخلية والحشرات.
وبالرجوع لمشروع القانون الذي نتطلع لإجازته رسمياً نقول إنه بإمكاننا أن نتحكم في إدارة مواردنا الوراثية، وفي أذهاننا الجدل الكثيف حول تصدير إناث الإبل وبذلك نحفظ سلالاتنا وحقوقنا فيها، بجانب وضع أيادينا بشكل كامل على مواردنا الوراثية لمحاصيل مثل الكركدي والسمسم و.النباتات الطبية والعطرية المختلفة كالحلبة والسنمكة ….الخ لما لها من قيمة اقتصادية واستراتيجية.
ويجدرالقول والتذكير بأن السودان غني بموارده ويتطلب استغلال تلك الموارد نظرة داخلية عميقة وتخطيطاً سليماً والتزاماً بالقوانين والاتفاقيات الدولية، ونختم بالدعاء (اللهم احفظ بلادنا وأدم عليها نعمة هذا التنوع الحيوي واجعلنا أكثر قدرة على الحفاظ عليه واستدامته والاستفادة منه).

د. الختمة العوض محمد أحمد
منسق ملف التنوع الحيوي