لإعلام آلية لتحقيق الشفافيةفي مجال البيئة

د. جلال محمد يس
في سياحة معرفية ثرة اتاح لنا المجلس الاعلى للبيئة والموارد الطبيعية فرصة المشاركة في الورشة التنويرية عن مشروع بناء قدرات الشفافية لتغير المناخ الذي يهدف الى تعزيز القدرات البشرية و المؤسسية السودانية في مجال الشفافية وحق الحصول على المعلومة البيئية كما جاء في المادة 13 من اتفاقية باريس لتغير المناخ ، وذلك بحضور أنيق من كل المؤسسات ذات الصلة بالعمل البيئي بالسودان ، وتعتبر اتفاقية باريس لتغير المناخ اتفاقية ملزمة قانوناً وتتسم بالمرونة والتطور مع الزمن في الالتزامات الدولية والديمومة ،تم اعتمادها في 12/12/2015 في باريس،وتهدف لتنفيذ اهداف الاتفاقية الاطارية لتغير المناخ من خلال تثبيت الزيادة في متوسط درجة الحرارة العالمية، عند أقل من درجتين مئوية مع العمل علي خفضها لأقل من درجة ونصف مئوية ما أمكن ، وبما أن السودان واحدة من البلدان المصادقة والموقعة على الاتفاقية ،ملزم بالإيفاء بكل التزاماته تجاهها والاتفاقيات البيئية الأخرى،فلذلك يتوجب عليه اعداد وتقديم تقارير الشفافية الدورية للاتفاقية (BTR) والتي تخضع لمراجعة بواسطة خبراء ، وتعرض للتحقق بواسطة الدول الأعضاء ،كذلك اعداد وتنفيذ المساهمات المحددة وطنياً (NDCs) ، وتشمل برامج وسياسيات ومشروعات في مجال خفض الانبعاثات والتكيف مع التغيرات المناخية تعد وتقدم وتنفذ بصورة دورية ،بجانب بناء القدرات والتدريب والتوعية وتطوير برامج لنقل وتطوير التقانات وإدماج أبعاد التغيرات المناخية في برامج التنمية والتعليم وغيرها.
ويُعتبرُ مبدأ الإعلام بدون اعتراض كنتيجة منطقية للديمقراطية التي تم المطالبة بها في مختلف المجالات لتعزيز الشفافية ، سواء في المجال البيئي أو غيره من المجالات، لكن تحقيق هذه الغاية يتطلب الأمر وجود وسيلة عمليّة فعّالة وليس وجود نص قانوني مجرَّد، تتمثل هذه العملية في حق الحصول على المعلومة البيئية بكافة الطرق والوسائل ، والتي تؤدي بالضرورة إلى تكريس مبادئ وحقوق أخرى للفرد وكذلك الجماعة، إذ تجعل رأيه ذو وزن ثقيل على مستوى المؤسسات والهيئات الحكومية ذات العلاقة المباشرة بالبيئة .ويلعب الإعلام بوسائله المسموعة والمقروءة والمرئية ومواقع التواصل الاجتماعي ،دوراً كبيراً ومؤثراً في نشر الوعي والثقافة الجماهيرية والتنوير بقضايا البيئة،وأضحى للإعلام دور في حماية البيئة وشرح أبعادها وطرح المشكلات البيئية الأكثر تعقيداً وتقييداً ، لكن هذا الدور ما يزال بارزاً، لأسباب عديدة ومعروفة، في الدول المتقدمة فقط، على أنه ثمة خطوات بسيطة بدأ الإعلام في الدول النامية يخطوها في هذا الاتجاه، في السنوات الأخيرة، مع بوادر الانفتاح على الحياة الديمقراطية التي نرجو أن تسير الأمور بالشكل الذي نبتغيه ويرجوه كل شعب السودان.
إن الهدف من الإعلام في مجال الشفافية البيئية يرمي إلى ترقية الديمقراطية وتجسيدها في الواقع بإعطاء كل فرد في المجتمع الحق في التعبير عن المشاكل التي تواجه البيئة وإحاطة الإدارة الوصية والمكلفة بالبيئة بكل تدهور أو خطر يهدد البيئة، كما يشكل نوعا من الشفافية بالنسبة للإدارة في معالجة جدية لتلك المشاكل وتعزيز العلاقة بين الإدارة والمواطن في ترقية الخدمة العامة في إطار مبدأ الديمقراطية التشاركية التي تقوم على إشراك المواطن في تسيير شؤونه الخاصة ، اذ انه لا يمكن تفعيل مساهمة الأفراد والمؤسسات والمجتمع المدني إلى جانب الإدارة في حماية البيئة لتحقيق شراكة حقيقية، إلا من خلال إضفاء الشفافية على النشاط البيئي وضمان حق الإطلاع على كل البيانات والمعلومات المتعلقة بوضعية البيئة، لأنه لا يمكن توخي المشاركة في جو التعتيم والإقصاء ، وهنالك امر اخر يمكن الاشارة اليه ان الإعلام من خلال أدائه وتناوله لقضايا البيئة وفق مبدأ الشفافية يمكن يعمل علي استقطاب الدعم الفني والمادي العالمي خاصة في مجال تغير المناخ من خلال لفت انتباه الممولين والمانحين لبعض القضايا التي قد تكون غائبة عن طاولة المفاوضات .