مختصون يشددون على ضرورة ازالة مخلفات التعدين من المواقع السكنية والزراعية بنهر النيل

قام فريق مختص بالشأن البيئي وقضايا التعدين يضم المجلس الاعلى للبيئة والموارد الطبيعية والجمعية السودانية لحماية البيئة وجامعة النيلين بزيارة لولاية نهر النيل استغرقت ثلاثة ايام قام خلالها بالطواف ميدانيا على المناطق التي تتم فيها معالجة مخلفات التعدين التقليدي المعروفة بالكرتة في المناطق السكنية والزراعية لمحلية بربر بعد الانتشار الواسع لهذه الممارسة وانعكاساتها الخطيرة على صحة انسان المنطقة والبيئة المحيطة . وقام الوفد بإجراء دراسات شاملة على الانسان والنبات والحيوان والتربة لتقييم الوضع الصحي والبيئ ومقابلة الجهات المعنية ممثلة في الشركة السودانية للموارد المعدنية والمجلس الولايي للبيئة. هذا وقد شدد الوفد على ضرورة التصدي بصرامة لهذه الممارسات السالبة والازالة الفورية لأكوام الكرتة من المنازل والأراضي الزراعية بواسطة السلطات المختصة بالاستعانة بالشركات العاملة في المجال .
وفي هذا الإطار أوضح صالح علي صالح الأستاذ المشارك بكلية النفط والمعادن بجامعة النيلين ان الزيارة تمت أثر مبادرة من جامعة النيلين لتوضيح خطورة استخلاص الذهب من مخلفات التعدين على الصحة العامة والبيئة وتم عكس الفكرة على الجمعية السودانية لحماية البيئة التي اتصلت بدورها بالمجلس الاعلى للبيئة والموارد الطبيعية وتم التأمين على الشراكة لتتطور المبادرة إلى مشروع بحثي كبير للمساعدة في حل مشكلة تلوث الزئبق في ولاية نهر النيل والولايات المشابهة ولفت صالح الى ان فريق الدراسة يضم باحثين ومختصين في مجال التعدين والبيئة والمياه هم د. عبدالقادر الفاضل من كلية العلوم البيئية ود. عمر حمدي من كلية العلوم والتقانة ود.نهلة عبدالله من جامعة نيالا يعاونهم باحثين واطباء في مجال المياه والسموم مشيرا الى ان الطواف شمل محلية بربر من كنور حتى القوز مرورا بمناطق دار مالي ،
المكايلاب ، السلمة ، بانت ، النبوية ، الكنزياب ، السعدابية ، الشقلة وعنيبس . منوها إلى خطورة تواجد الخلاطات والغسالات في المناطق الزراعية والسكنية وخطورة استعمال مادة الثيوريا الكيميائية في استخلاص الذهب من مخلفات التعدين مما يزيد من التلوث والتأثير المباشر على صحة الإنسان والنبات والحيوان والبيئة ويزداد الوضع سوءا مع هطول الأمطار والسيول والفيضانات في ظل وجود أكوام الكرتة في مناطق السهل الفيضي للنيل وتوقع صالح تنامي الظاهرة وانتشارها في ولايات أخرى وألقى باللائمة على جهات الاختصاص في التراخي الذي صاحب التعامل مع الظاهرة مما ساعد في انتشارها على أوسع نطاق ومازالت كميات كبيرة من الكرتة ترد للمنطقة دون رقابة . منوها الى ان المجتمع المحلي بالمنطقة لم يتلق التوعية الكافية للتعامل مع الملوثات الكيميائية الخطرة .
من ناحيته وصف بروفيسور أزهري عمر عبدالباقي الخبير الوطني والمستشار بالمجلس الاعلى للبيئة الظاهرة بالدخلية وأنها لم تضمن في تقرير المجلس الخاص بحصر استخدام الزئبق في السودان والمقدر بحوالي 321 طن في العام موضحا ان هذا النشاط غير من الاعتقاد بأن أسواق التعدين تشكل الخطر الأكبر للتلوث مما يستوجب استكمال معلومات التقرير الاولي . وأشار عبدالباقي إلى زيارة حوالي عشرة مواقع واخذ عينات من الكرتة الداخلة والخارجة من عملية الغسيل ومن المياه الموجودة في أحواض التجفيف ومياه الشرب من المنازل المجاورة وعينات من الدم والشعر واخرى لبول الاطفال المتطوعين وعينات من لبن وشعر الحيوان والزراعات الموجودة بالمنطقة واخرى من مسافات مختلفة من اكوام الكرتة ومسار العربات الناقلة لها للتأكد من مدى انتقالها بالرياح لافتا إلى تحليل العينات في معامل جامعة الخرطوم وجامعة التيلين لتحديد مستويات الزئبق واعداد تقرير متكامل يتم تقديمه للمسؤولين بالمجلس الاعلى للبيئة ووزارة المعادن وجمعية حماية البيئة وحكومة ولاية نهر النيل متضمنا التوصيات الخاصة بتخفيف الآثار الناتجة عن التلوث وأساليب الإدارة والمعالجة البيئية السليمة .
في السياق ألمح علي محمد علي رئيس الجمعية السودانية لحماية البيئة ان منهجية اللجنة في التعامل مع النشاط التعديني تستند على ثلاثة مرتكزات بدءا من الطواف الميداني للوقوف على حجم المشكلة ومن ثم رفع مذكرة وافية للجهات المختصة بالمركز والولاية وعقد مؤتمر صحفي بوكالة السودان للأنباء وتنفيذ برنامج توعوي طموح بطرق مختلفة وجاذبة للفت الانتباه بالممارسات الخاطئة وانعكاساتها السالبة مبينا أن الزيارة بدأت بالاجتماع مع اللجنة الولايية المكلفة بإزالة الخلاطات والغسالات من المناطق السكنية والزراعية والإطلاع على مهمة اللجنة وخطواتها الرامية لمعالجة المشكلة كما تم الاجتماع بمدير الشركة السودانية للموارد المعدنية بعطبرة حيث تم شرح الغرض من الزيارة والاستماع للجهود المبذولة لمعالجة مشاكل التلوث وترقية البيئة بالولاية . ومن ثم انطلق العمل الميداني بالمناطق المستهدفة باشراف وتنسيق الشركة السودانية للموارد المعدنية تم من خلاله الوقوف على نموذجان من التعدين داخل المنازل والمزارع وأخذ العينات وملء استمارات خاصة بالعمال في الخلاطات والغسالات وأخرى للمواطنين القاطنين بالمنطقة لتقييم الحالة الصحية موضحا أن المشاهدات أظهرت ممارسات خاطئة من المواطنين وأن العمل يتم بمشاركة اطفال قصر في عملية غسيل الكرتة بينما تعمل النساء في عملية الحريق لفصل الذهب من الفحم الحجري بالمنازل . مضيفا ان افادات المواطنين بالمنطقة أكدت على حدوث حالات حساسية في الجلد للأطفال وانتشار الالتهاب الرئوي وحدوث حالات إجهاض وتشوه خلقي في المواليد وتفوق للحيوانات نتيجة شربها من مياه الاحواض لافتا إلى وعى المواطنين غير المعدنيين بالضرر بينما يطالب المعدنيين بإيجاد البديل لهذه المهنة التي اضحت مصدرا للرزق وحسنت من أوضاعهم المعيشية .
وفي ذات الاتجاه قالت نمارق يس ممثلة المجلس الاعلى للبيئة والموارد الطبيعية ونقطة الارتكاز الوطنية لاتفاقية ميناماتا بشأن الزئبق أن السودان قطع شوطا كبيرا في المصادقة على الاتفاقية التي تهدف إلى حماية صحة الإنسان وسلامة البيئة وبموجب ذلك سيتم حظر التعامل مع الزئبق نهائيا بعد فترة السماح الممنوحة مشيرة الى ضرورة ايجاد البديل الأمن لسلامة إنسان السودان وبيئته.